استراتيجية القواعد الأولية
بقلم الدكتور | مصطفى أبو سعد | استشاري نفسي وتربوي
تكمن أهمية هذه الاستراتيجية في تحديد ضوابط يعتمد عليها الوالد في التعامل مع الأبناء والحكم على سلوكياتهم، إضافة إلى كونها تحدد القيمة وراء كل قاعدة. أولية وبالتالي فهي التي تبني القيم وتحدد المعايير وتنشئ المعتقدات لدى الأطفال، فلنأخذ مثلاً:
استراتيجيات التربية العملية
قاعدة: لا تدخل غرفة غيرك بدون استئذان، اطرق وانتظر أن يؤذن لك وإلا فارجع.
لماذا هذه القاعدة: احتراماً للآخرين ولخصوصياتهم ولأوقاتهم ولعدم إزعاجهم.
ماذا تعلمتي هذه القاعدة؟ آداب التعامل مع الآخرين.
كيف أطبق هذه القاعدة؟ آداب التعامل مع …….
هذه القاعدة؟ لا ينبغي دخول غرفة أحد قبل الاستئذان.
هذه القاعدة أفرزت لي أربعة أشياء مهمة في تربية الأبناء ينبغي أن تصبح أنموذجاً في التطبيق التربوي واستراتيجية للتربية الإيجابية وهي:
1 – القاعدة: لا تدخل غرفة غيرك بدون استئذان.. اطرق وانتظر أن يؤذن لك وإلا فارجع…
2 – القيمة: الاحترام (احترام الآخر: خصوصياته – أوقات هدوئه وراحته -…).
3 – المعتقد: لا ينبغي دخول غرفة أحد قبل الاستئذان.
4 – السلوك: أطرق الباب ثلاث مرات وانتظر أن يؤذن لك للدخول وإلا ما رجع.
كيف أضع القواعد الأولية؟
اجتمع مع كبار العائلة الوالدين والأبناء البالغين الكبار في جلسة هادئة لاستخراج القواعد الأولية والاتفاق حولها وصياغتها وتحديد كيفية تنفيذها، ويمكن الاعتماد على تجارب غيرك، فهي مفاتيح النجاح في توجيه الأبناء وتعليمهم القيم وبناء المعتقدات السليمة والسلوك السوي.
إحدى عشرة خطوة لتنفيذ استراتيجية القواعد الأولية:
- اشرح القواعد الأولية لأفراد أسرتك قاعدةً قاعدة
- حدد بالضبط ماذا تريد من خلال كل قاعدة، يعنى السلوك المطلوب بالتحديد (لا تدخل غرفة غيرك بلا استئذان) تعني سلوكياً (اطرق الباب وانتظر أن يؤذن لك وإلا فارجع..)
- استخرج القيمة من كل قاعدة أولية لتيني الشخصية ذات القيم والمعايير
- ابنِ المعتقد السليم وراء كل قاعدة لئلا يفهم الطفل أنك تمارس قوتك وسلطتك فقط من خلال فرضك لقواعد أولية، ولينشأ مشبعاً بالمعتقدات السليمة التي تحميه فيما بعد من كل انحراف
- مراعاة السن والنمو لدى كل شخص من الأسرة مهمة جداً لئلا تقع في فخ الانتظار الطويل والتأخر في تنفيذ هذه الاستراتيجية أو تقع في عملية فرض قاعدة لا تتناسب وسن الطفل يعني تحديداً: حتى لا تتأخر في التنفيذ على الكبير أو تنفَذ متسَرعاً على الصغير
- اكتب كل قاعدة أولية كتابة واضحة ومحددة
- علقها في أكثر من ركن من أركان البيت وغرف الجميع
- لا يمكن كتابة كل قاعدة منفصلة عن غيرها وبشكل يخص كل ركن من أركان البيت من مثل قاعدة خاصة بغرفة الأكل وآداب الأكل تكتب لوحدها في مكان بارز من الغرفة الخاصة بالطعام وهكذا
- حدَد اجتماعاً أسرياً للحديث عن القواعد الأولية ولا مانع من تكرار هذه الجلسات بين الفنية والأخرى للتذكير وشحذ الهمم والاستئناس بما تم تنفيذه منها
- يمكن تحديد بعض المكافآت لمن يلتزم ببعض القواعد (استراتيجية مكافأة السلوك الإيجابي) وبالمقابل يمكن تحديد أنواع من التعامل مع من لا ينضبط بها.
- الجميع مطالب بتنفيذ القواعد الأولية بمن فيهم الكبار والوالدان.
اقتراحات مهمة لتحديد القواعد الأولية
- لا تحدد أو تضع قاعدة أولية قبل أن تعرف بالضبط السلوك الذي تريد بناءه لدى ابنك أو السلوك الذي تريد الغاءه واجتنابه في حياة ابنك. بمعنى أن القاعدة ينبغي أن تكون منتجة ومولدة للسلوك الإيجابي أو مبعدة للسلبي.
- لا تضع أي قاعدة لا يمكنك تنفيذها أو تشك أنت نفسك في قدرتك على تنفيذها.
- وضع القواعد الأولية ليس بمتأخرٍ في أي وقت. ويمكنك أن تبدأ من الآن ولا تيأس مما فات فكل شيء قابل لإعادة البرمجة والبناء والتغيير الإيجابي.. المهم أن تبدأ وتتوكل على الخالق عزّ وجل.
- احرص على الاجتماعات يومياً ولو لدقائق أو أسبوعياً لمعرفة ما تمكنتم من تنفيذه والعمل على تعزيزه سلوكاً وعادةً أسرية، ولمعرفة مسيرة كل شخص على حدة في عملية الالتزام وتنفيذ القواعد الأولية.
مجالات القواعد الأولية
كل أسرة مطالبة بتحديد قواعدها الأولية ولا يمكن أن تكون القواعد متشابهة مئة بالمئة لأنها تتوقف على شخصية الوالدين وقدرتهما على التحكم في الانفعالات وعلاقاتهما ببعضهما بعضاً وبأبنائهما، ولكن يمكن للقواعد الأولية أن تحدد في المجالات التالية:
- العلاقات الاجتماعية داخل الأسرة
- سلوكيات غرفة الطعام (قبل – أثناء – بعد الأكل..)
- النظافة
- التخريب والاستهتار بممتلكات الغير
- الصراخ
- الملابس
- الاستحمام
- الوضوء والصلاة
- المدرسة والاستذكار
- ما لا ينبغي لمسه والاقتراب منه ( أدوات المطبخ …)
- حاجيات الأسرة والأفراد ( ما نحتاجه بالضبط وما لا تحتاجه …)
- الأنشطة الخطيرة – الأدوات الخطيرة …..
- النوم
- الأجهزة المتوفرة بالبيت لا سيما الإلكترونية
وقفة مهمة
المهم في هذه القواعد أن يوضع أقل عدد ممكنٍ منها وتقتصر فقط على ما يمكن للجميع الانضباط به، ما يمكنك أن تقنع به الآخرين. اكتبها بلغة محددة وواضحة مبرزاً من خلالها السلوك المطلوب، وابتعد عن كتابة شرح وتبرير ما تريده
أشياء بحاجة لمراعاة:
حاول ما استطعت مراعاة الأشياء التالية:
- لا تبالغ في وضع قواعد أكثر مما يمكنك العمل على تطبيقه للأسرة لئلا تفقد قوتها.
- استعمل قدر المستطاع التوجيه الإيجابي (افعل) بدل (لا تفعل .)
- كافئ السلوك الايجابي لمن يلتزم بالقواعد الأولية لاسيما في بدايتها.
تذكرة
تكمن أهمية القواعد الأولية في كونها تبني القيم والمعتقدات لدى الأبناء. وتعلم المعايير التي يحتاجها الطفل في حياته المستقبلية بدل أن يبقى سجيناً لتوجيهات الوالدين، فهو ينفذ المطلوب منه من خلال قيمة يؤمن بها ومعتقد راسخ بداخله.
المصادر : مجلة عالم الإبداع