أيها الزوجان خففا اللوم والاتهامات
أيها الزوجان خففا اللوم والاتهامات
د. محمد العويد
حين أنصت إلى زوجين يستشيراني في خلافاتهما فإني أجد أكثر حديثيهما لوماً واتهاماً، فالزوج يتهم زوجته بعدم طاعته، وتقصيرها نحوه، وانشغالها عنه، وتفضيلها غيره عليه، والزوجة تتهم زوجها بكثرة غيابه عن البيت، وعدم حمله مسؤولياته كاملة، وجفاف مشاعره وندرة كلماته الرقيقة. وأحاول أن أخفف من شدة اتهام كل منهما لصاحبه، وبأن ما يشكوانه يشکوه أغلب الأزواج والزوجات، وأن الحياة الزوجية لن تكون صافية تماماً، ولن تخلو من بعض الإهمال والتقصير والقسوة من كلا الزوجين.
ثم أستدرك فأخبرهما أن الإقرار بهذا الواقع لا يعني أن لا نعمل على التقليل من هذه السلبيات، وزيادة الاهتمام بالحياة الزوجية وإعطائها حقها بل حقوقها الكثيرة، فنجاحها واستقرارها مقدمة للنجاح في العمل وغيره.
وأهم ما أنصحهما به هو التقليل من الاتهام واللوم، إذ إن الإنسان بطبعه لا يقبل أن يتهم بشيء، ولهذا نجده يسرع في رفض الاتهام رغم أنه يعلم في قرارة نفسه أن ما اتهم به صحيح، ويزيد هذا الرفض لدى الزوجين إذا كان الاتهام صادراً من أحدهما تجاه الآخر.
لا بد إذن من تخفيف اللوم، وتقليل الاتهام في الحياة الزوجية حتى تقل منغصاتها، ويخف نکدها، وتزيد سعادتها، وتثبت أركانها.
وحتى ينجح الزوجان في ذلك فإني أنصحهما بما يلي:
- تذکرا أيها الزوجان أن كلا منكما بشر:
يخطئ ويصيب، وينجح ويخفق، فمن الطبيعي أن يكون لدى كل منكما مآخذ على الآخر، وأن لا يكون كل منكما للآخر مثلما كان يتمنى تماماً.
- ليحضر كلاكما ورقة وقلماً وليكتب إيجابيات صاحبه وسلبياته:
وأرجو أن يبدأ بإيجابياته، وأن لا يستعجل كتابة السلبيات قبل أن يستذكر أكثر ما يمكن من الإيجابيات، مثل هذا الذكر للإيجابيات يزيد الرضا، وزيادة الرضا تقلل اللوم والاتهام.
- ليستدع الزوج إلى ذهنه الأزواج الذين يعرفهم ويعرف معاناتهم الكبيرة في حياتهم الزوجية:
وليحمد الله تعالى على أنه يعيش حياة زوجية هي خير من حياة كثيرين منهم، وكذلك تفعل الزوجة وهي تسترجع شكاوى من حولها من النساء من أزواجهن، ولتحمد الله تعالى على أن زوجها خير من كثيرين منهم.
- ليكن الزوجان على يقين تام بأن الزواج يمكن أن يكون ناجحاً مع بقاء كثير من المشكلات دون حل:
ولهذا ينبغي على الزوجين أن لا يجعلا من مشكلة لم تحل سبباً في هدم حياتهما الزوجية التي يمكن أن تتواصل بنجاح كبير مع استمرار بعض المشكلات دون حلها، ولعل الزوجين يذكران كثيراً من الحلول لمشكلاتهما أتى بها سبحانه لهما بعد زمن، دون أن يبذلا لذلك أي جهد.
- لا بد من بعض التغافل:
وأكاد أقول: لا بد من كثير من التغافل حتى يصرف الزوجان كثيراً من الأسباب التي قد تدفعهما إلى تبادل الاتهام واللوم بينهما، قال الحسن البصري: ما استقصی کریم قط، وقال سفيان الثوري: ما زال التغافل من فعل الكرام، وقال الشاعر:
ليس الغبي بسيد في قومه … لكن سيد قومه المتغابي
ولقد أثنى الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم وقد أعرض عن بعض ما أظهره سبحانه عليه من كلام نسائه فقال عز وجل: “وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثاً فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض”.
- ليبتعد الزوجان عن كلمة (أنت) حين يريد أحدهما أن يذكر عملاً خاطئاً ينبغي تصحيحه:
من مثل (أنت تنفق – تنفقين – المال بلا حساب… وهذا سبب تزايد ديوننا)، أو (أنت لا تعرف – لا تعرفين – إلا الكلمات القاسية والمؤذية..)، الأفضل أن يستبدل الزوجان بهذه الكلمة التي توجه الاتهام إلى الآخر.. كلمة أخرى توجه الاتهام إلى الزوجين معاً وهي كلمة (نحن)، لتصبح العبارتين السابقتين: (نحن ننفق المال بلا حساب.. وهذا سبب تزايد ديوننا)، (صار كلامنا المتبادل مليئاً بالكلمات القاسية والمؤذية…).
- إذا قال أحد الزوجين عبارة لم يقصد بها إيذاء الزوج الآخر أو الإساءة إليه.. لكن الزوج السامع لها فهمها على أنها تحمل إساءة إليه، فعلى الزوج القائل أن لا يتردد في التأكيد على أنه لم يقصد ما فهمه منها الزوج السامع:
وبهذا يبطل انفجار لغم تبادلهما اللوم والاتهام.
من كتاب: همسات السعادة
لاقتناء الكتاب من الرابط: