عاد في غير موعده فماذا وجد؟
حدثني أحد الأزواج بما جرى بينه وبين زوجته فقال:
عدت يوما إلى بيتي قبل موعد عودتي المعتاد كل يوم، ولما دخلت البيت لم أجد زوجتي في الصالة، ولا في المطبخ، ولا في غرفة نومنا، اتجهت إلى غرفة الأولاد وفتحت الباب، فوجدت زوجتي وقد اضطربت حين رأتني، فصارت تجمع أوراق بدا لي أنها رسائل.
اقتربت من زوجتي ومددت يدي إلى الأوراق محاولاً تناول أحداها فمنعتني، فأثارت بمنعها لي شكوكي فيها، فأصررت على أخذ أحدها لأقرأ ما فيها، فصاحت متوسلة: أرجوك اتركها.. ستمزق الرسائل بجذبك لها وأنا ممسكة بها.
فصرخت فيها: تعترفين إذن بأنها رسائل!
ردت علي: أجل، إنها رسائل، ومن أحب إنسان إلي.
هنا بلغ الغضب بي مبلغه، فدفعت زوجتي بعيدة عني وانتزعت إحدى الرسائل وصرت أقرأ ما فيها بعينين يتطاير منهما الشرر، وما إن أنهيت قراءة الرسالة حتى تناولت أخرى وصرت أقرأ ما فيها وأنا لا أصدق.
وتناولت رسالة ثالثة ولم أنه قراءة ما فيها حتى صارت دموعي تسيل على خدي، ثم وجدت نفسي أقعد على سرير أحد الأولاد وأنا لا أصدق..
سألته: هل عرفت ممن كانت الرسائل؟
أجابني: نعم، كانت مني.
قلت: أنت من بعث إليها هذه الرسائل؟ قال: أجل، قبل اثنتين وعشرين سنة، في سنة زواجنا الأولى، كنت أكتب لها رسائل حب ومودة.
قلت: وظلت زوجتك محتفظة بها طوال هذه السنوات الطويلة!
قال: وعرفت منها أنها كانت تخرجها لتقرأها كلما صدرت مني نحوها قسوة في الكلام أو غلطة في الفعل.
قلت: إنها تريد أن تخفف من آثار قسوة كلماتك وغلظة أفعالك حتى لا يذهب ما في قلبها من حب نحوك؟
قال: لا يمكن أن أنسى عبارتها عن الرسائل: (إنها من أحب إنسان إلي)، لقد كانت تقصدني أنا، وشيطاني كان يثير شكي فيها.
وقفاتي عند هذه الحكاية الصغيرة هي:
- علينا أن نحذر سوء الظن، والتعجل بالشك، سواء شك الرجل في زوجته أو شکت المرأة في زوجها.
- رغم مرور أكثر من عشرين سنة على تلك الرسائل التي كان يكتبها هذا الرجل لزوجته، فإنها ما زالت تحتفظ بها، وهذا يشير إلى التأثير الكبير لمشاعر الود والحب في المرأة وعدم نسيانها لها، وهذا يوجهنا – نحن الأزواج – إلى ضرورة عدم إهمال ذاك التعبير عن المشاعر الإيجابية وعدم التوقف عنه مهما مر الزمان وكبر الإنسان.
- التقيت هذين الزوجين، وتحدثت إليهما، وسمعت منهما طوال ساعة ونصف الساعة، فقد زاراني يستشيراني في حياتهما الزوجية التي تقلقلت وما عادت مستقرة، ولقد وفق الله في الإصلاح بينهما، وإرشادهما إلى ما ينبغي أن يفعلاه، وما ينبغي أن يبتعدا عنه ويهجراه.