الطفل والأسرة

قواعد نبوية في رعاية الأطفال

إن العالم يمر بمرحلة الاهتمام المفرط بالطفولة، فمن تخصيص يوم عالمي للطفل والأم، إلى ترويض كل الصناعات والاهتمامات التقنية لخدمة ألعاب الأطفال، ووسائل تعليمه وترتبيته وتنشئته.

فالرسول الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم جاء في وقت لا يُحترم فيه إلا القوي، كما أن أفراد ذلك المجتمع كانوا ينظرون نحو الأطفال بنظرة ازدراء وتكبر.

  • فهم يئدون البنات ويدفنونهم وهن على قيد الحياةوَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالْأُنثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ”  النحل: 58
    “وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأيّ ذَنْبٍ قُتلَتْ ” التكوير: 8-9
  • ولا يقبلون الأطفال، أو يلاعبونهم، كما قال أحد سادتهم عندما وفد على رسول الله  صلى الله عليه وسلم ورآه يلاعب أحد أحفاده ويقبِّله : يا رسول الله، أتقبلون الصبيان ؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم  : نعم، فقال : إن لي عشرة من الولد ما قبلت واحداً منهم، فقال الرسول الكريم: أرأيت إن نزع الله الرحمة من قلبك !

خرج عليه الصلاة والسلام في هذا المجتمع، فرسم خطة هي أنموذج في العطف والشفقة على الطفولة، وأسلوب تربوي لم يسبق له نظير في الرعاية والتوجيه، لأطفال أصبحوا رجالاً موجهين، ومفكرين يقظين، فقادوا أمتهم إلى أسمى المراتب، وحققوا أمثلة تحتذي في الإدارة والقيادة، لأن نفوسهم جبلت على الخير، وطباعهم تعودت الحنان في وقت الرعاية، وفي سن النضج والتفتح.

ولئن كان علماء التربية في عصرنا الحاضر يرجعون كثيراً من أعمال الرجال، وتصرفاتهم – من حسن أو سوء، ونجاح أو فشل – إلى التربية الأولى للطفل، وفي موطن نشأته الأولى بين البيت والمدرسة، وإلى الدروس التي يستقيها من والديه وموجهيه فيهما، فإن المدرسة النبوية قد سبقتهم بخمسة عشر قرنا، ووضعت في مناهجها التربوية ضرورة العناية بهذه الفترة الزمنية، ورعاية الأطفال سن التفتح ونشدان المعرفة، والاهتمام بهم في سن النضج والإدراك، وتوجيههم الوجهة السليمة التي تؤهلهم لمواجهة مشاق الحياة وتحمل صعابها.

نحس هذا في دروس علمية، يطبقها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه، وتتمثل في وقائع يدركها المتتبع لسيرته الطيبة، واستقراء لأخلاقه المثالية، وأسلوبه الفريد في تنشئة الأمة، وترسيخ دعائم المثل العليا في نفوسهم، ونظراته إلى براعم لم تتفتح، وأغصان لم يشتد عودها، تلك هي الانطباعات الأولى لبناء الإنسان التي تمثل أساساً ومدخلاً للمنهج الإسلامي للتربية.

  • من كتاب : التربية من منظور إسلامي
  • تأليف د. مصطفى أبو سعد
  • الناشر: شركة الإبداع الفكري للنشر والتوزيع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق